على فضل الصحابة من القرآن
قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في شرحه لمنظومة سلم الوصول:
فكلهم في محكم القرآن أثنى عليهم خالق الأكوان
في مواضع من كتابه (كالفتح) أي سورة (الفتح) من أولها إلى آخرها (و) سورة (الحديد) كقوله تعالى فيها: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ – إلى قوله – وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] الآيات.
(و) سورة (القتال) كقوله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد:3] الآيات.
(و) سورة (الحشر) إلى آخرها، وقد رتب تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم ثم أَرْدَفهم بذكر التابعين فقال تعالى لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:8 – 10] أخرج الله بهذه الآية وغيرها شاتم الصحابة من جميع الفرق الذين في قلوبهم غل لهم إلى يوم القيامة، ولهذا منعهم كثير من الأئمة الفيء وحرموه عليهم.
(و) في سورة (التوبة) وسورة (الأنفال) بكمالها تارة في الثناء عليهم وتارة في تحذيرهم من عدوهم ووصف المشركين والمنافقين بأنواعهم وسماهم ليحذروهم، وتارة في حثهم على الطاعة والجماعة والجهاد في سبيل الله والإثخان في الكفار والثبات لهم عند لقائهم إياهم وعدم فرارهم منهم، ووعْدِه تعالى إياهم بالنَّصر على عدوِّهم، وتارة بتذكيرهم بنعم الله عليهم وامتنانه عليهم أَنْ هداهم للإسلام وجنَّبهم السُّبُل المضلة. وأَلَّف بين قلوبهم وآواهم وأيدهم بنصره بعد إذ كانوا مستضعفين أذلة.
وتارة يخبرهم ويهيجهم ويشوقهم بما أعد لهم في الدار الآخرة على قيامهم بطاعته تعالى وطاعة رسوله، وجهادهم بأموالهم في سبيله وله الحمد والمنة، وغير ذلك من سور القرآن وآياته (كذلك في التوراة) الكتاب المنزل على موسى عليه السلام (و) في (الإنجيل) الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام (صفاتهم) التي جعلهم الله عليها (معلومة التفصيل) كما أخبر الله تعالى بقوله عز وجل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ [الفتح:29] هنا تم الكلام ثم قال تعالى: وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح:29].