صمود رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسالته في خوض معركة التغيير الإجتماعي الكبرى من أجل اخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية الله الواحد الأحد في واقع –بأجمعه – متألب عليه صاد عنه , يكيد له ولدعوته.
أقول : إن ذلك التصميم الجبار لقلب الواقع الجاهلي وتغييره وفقا لأرادة الله تعالى ومنهاجه , إنما هو قمة الشجاعة التي لا تدانيها شجاعة .
على أننا لو استقرأنا موقفه العسكرية خلال حروبه الدفاعية والهجومية لرأينا نمطا خاصا من الرجال لا يبلغ شأنه , ولا يدرك مداه.
- صمود الرسول في معركة بدر وهي معركة فاصلة ومصيرية بجيشه الصغير : عدة وعددا , كان دليل شجاعة فائقة إذ لا يقدم عليها إلا من يملك نفسا لا تعرف الخوف أبدا..
- صمود رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة أحد , بعد إنهزام اتباعه وبقاؤه في قلب الميدان يدير المعركة بنفر من أتباعه المخلصين , كان بطولة يندر مثلها في التاريخ البشري.
- ثباته في معركة الأحزاب في مواجهة عشرة الآف مقاتل مع قلة جيشه المدافع , ونقض اليهود المحالفين لحلفهم , وانضمامهم الى الجيش الغازي , وتحركات المنافقين في الداخل , وتخلل الجبهة الداخلية , الأمر الذي حكاه القرآن الكريم:
(إذ جاؤوكم من فوقكم , ومن أسفل منكم , وإذا زاغت الأبصار , وبلغت القلوب والحناجر , وتظنون بالله الظنونا , هنالك ابتلى المؤمنون , وزلوا زلزالا شديدا , وإذ يقول المنافقون والذبن في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) (الأحزاب 10-12).
- وفي حنين حين انهزم المسلمون شر هزيمة لم يثبت في الميدان غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه والعباس ونفر من المؤمنين , ولم ينتصر المسلمون إلا بعد استجابتهم لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أثار الهمم , وشحذ العزائم .
- وقد وصف الأمام القائد علي رضي الله عنه شجاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (كنا اذا أحمر البأس والتقى القوم , اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه)
(أخلاق النبي وآدابه).