صفية بنت عبد المطّلب
هذه السيدة الباسلة الصحابية التي كان يحسب لها الرجال ألف حساب ؟ .
التي كانت أول امرأة قتلت مشركاً في الإسلام ؟ ...
إنها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية القرشية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه السيدة الصابرة ...شاعرة الهاشميّات
إنها صحابية جليلة هاشمية قرشية قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهي ذات تراث مجيد من تراث الاسلام,من بلدٍ مبارك وأرضٍ طيّبة,فهي من صفوة نساء قريش المؤمنات , أنجبت علماًمن اعلام المسلمين و أحد العشرة المبشرين بالجنة , إنها صفية بنت عبد المطلب.عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم و أخت حمزة والعبّاس رضي الله عنهما وأيضاً أم الزبير بن العوام بن خويلد حواري رسول الله.
إسلامها وهجرتها: المعروف عند أصحاب التراجم والطبقات العليا أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ستّ عمّات وهنّ :صفية , أروى , عاتكة , البيضاء , برّة , وأميمة بنات عبد المطّلب.
ولما بعث الله نبيه بدين الهدى والحق , و أرسله نذيراً للناس , و أمره بأن يبدأ بذوي قرباه جمع بني عبدالمطلب ... نساءهم و رجالهم و كبارهم و صغارهم , و خاطبهم قائلاً :
يا فاطمة بنت محمد, يا صفية بنت عبدالمطلب, يابني عبد المطلب إني لا أملك لكم من الله شيئاً. ثم دعاهم إلى الإيمان بالله, و حضهم على التصديق برسالته فكانت صفية بنت عبدالمطلب في الرعيل الأول من المؤمنين المصدقين .. عند ذلك جمعت صفية المجد من أطرافه : سؤدد الحسب , و عز الإسلام .
وقد كان اسلام صفية مبكراً بدعوة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم , عندما دعا عشيرة الأقربين , اذ خصّ بها ابنته فاطمة وعمّته صفية رضي الله عنها بما أمره الله عزّوجلّ بتبليغه
أما عن هجرتها الى المدينة المنورة فقال النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى : هاجرت مع ابنها الزبير رضي الله عنهما
انضمت صفية وابنها الزبير وسائر المهاجرين إلى اخوتهم الأنصار يبنون صرح الاسلام والتي ما عرف التاريخ لها مثالا من قبل .
وبدأت صفية مسيرتها مع سواها من نساء الصحابة المهاجرين والأنصار في مع النبيّ صلى الله عليه وسلم , يداوين الجرحى ويسقين الظمأى ويجهزن الطعام
اكتنف المجد صفية بنت عبدالمطلب من كل جانب:
فأبوها, عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم و زعيم قريش و سيدها المطاع .و أمها, هالة بنت وهب أخت آمنة بنت وهب والدة الرسول صلى الله عليه وسلم . وزوجها الأول, الحارث بن حرب أخو أبي سفيان ابن حرب زعيم بني أمية , وقد توفي عنها . وزوجها الثاني, العوام بن خويلد أخو خديجة بنت خويلد سيدة نساء العرب في الجاهلية , وأولى أمهات المؤمنين في الإسلام . وابنها, الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم. أفبعد هذا الشرف شرف تطمح إليه النفوس غير شرف الإيمان ؟!.
لقد توفي عنها زوجها العوام بن خويلد وترك لها طفلاً صغيراً هو ابنها (( الزبير )) فنشأته على الخشونة و البأس ...وربته على القوة والشجاعة .
ودأبت على أن تقذفه في كل مَخُوفَةٍ , و تقحمه في كل خطر ...
انضمت صفية بنت عبدالمطلب إلى موكب النور هي وفتاها الزبير بن العوام , و عانت ما عاناه المسلمون السابقون من بأس قريش وعنتها و طغياتها .
فلما أذن الله لنبيه والمؤمنين معه بالهجرة إلى المدينة خلفت السيدة الهاشمية وراءها مكة بكل ما لها فيها من طيوب الذكريات , و ضروب المفاخر والمآثر و يممت وجهها شطر المدينة, مهاجرة بدينها إلى الله ورسوله .
وعلى الرغم من أن السيدة العظيمة كانت يومئذٍ تخطوا نحو الستين من عمرها المديد الحافل ...
فقد كان لها مواقف ما يزال يذكرها التاريخ بلسان نديٍّ بالإعجاب رطيب بالثناء , ومن هذه المواقف ماكان يوم أحد ....
أما ما كان منها في ( أحد ) فهو أنها خرجت مع المسلمين في ثلة من النساء فجعلت تنقل الماء, و تروي العطاش .
ولاعجب فقد كان في ساحتها ابن أخيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم و أخوها حمزة بن عبدالمطلب أسد الله ...وابنها الزبير بن العوام حواري نبي الله صلى الله عليه وسلم.
فلما رآها النبي عليه الصلاة والسلام مقبلة خشي عليها أن ترى أخاها حمزة وهو صريع, وقد مثل به المشركون أبشع تمثيل فأشار إلى ابنها الزبير قائلاً:
المرأة يازبير ... المرأة يا زبير ....فقال : إن رسول الله يأمرك أن ترجعي ...
فقالت : وَلِمَ ؟! إنه قد بلغني أنه مُثِّلَ بأخي , وذلك في الله ...
فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) : (خل سبيلها يا زبير) ؛ فخلى سبيلها وقفت صفية على أخيها حمزة فوجدته قد بقر بطنه , و أخرجت كبده, فاستغفرت له, وجعلت تقول :
إن ذلك في الله ... لقد رضيت بقضاء الله . والله لأصبرن , و لأحتسبن إن شاء الله . رضي الله عن صفية بنت عبدالمطلب.
فقد كانت مثلاَ فذا للمرأة المسلمة ... ربت وحيدها فأحكمت تربيته ...
وأصيبت بشقيقها فأحسنت الصبر عليه ...واختبرتها الشدائد فوجدت فيها المرأة الحازمة العاقلة الباسلة ... ثم إن التاريخ كتب في أنصع صفحاته :
توفيت رضي الله عنها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين وقد بلغت من العمر ثلاث وسبعين سنة، وصلى عليها عمر بن الخطاب ودفنت في البقيع .
رحمات الله الواسعة عليها .