أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةُ رضي الله عنها
مَيْمُوْنَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ بِنْتُ الحَارِثِ بنِ حَزْنٍ الهِلاَلِيَّةُ ابْنِ بُجَيْرِ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخْتُ أُمِّ الفَضْلِ زَوْجَةِ العَبَّاسِ، وَخَالَةُ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وهي خَالةُ عبدِ الله بنِ عَبَّاسٍ. وهيَ ءاخِرُ نِسائه تَزويجًا ومَوتًا. وقيلَ إنّها ماتَت قبلَ عَائشةَ رضي الله عنها، وردَ ذلكَ في حديثٍ صَحيح عن عائشةَ.
أمُّها هندٌ بنتُ عوفِ بنِ زُهَير .
قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا رَسُوْلُ اللهِ: مَيْمُوْنَةَ.
كانت تحتَ مَسعودِ بنِ عمرو بنِ عبدِ نَائلٍ الثّقفِي في الجاهِليّة وفَارقَها، ثم خَلَفَ عليها أبو رُهْم بنُ عبد العُزّى بنِ أبي القيس فتُوُفّي عنها.
رواياتها للحديث
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ. حَدَّثَ عَنْهَا: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَآخَرُوْنَ.
رُوِيَ لَهَا: سَبْعَةُ أَحَادِيْثَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ)، وَانْفَرَدَ لَهَا البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِخَمْسَةٍ، وَجَمِيْعُ مَا رَوَتْ: ثَلاَثَةَ عَشَرَ حَدِيْثًا.
زواجها من رسول الله
تَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتِ فَرَاغِهِ مِنْ عُمْرَةِ القَضَاءِ، سَنَةَ سَبْعٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ، وَبَنَى بِهَا بِسَرِفٍ - وهو المَكَانَ المَعْرُوْفَ بِأَبِي عُرْوَةَ - وَكَانَتْ مِنْ سَادَاتِ النِّسَاءِ.
وروى ابْنُ سَعْدٍ: لَمَّا أَرَادَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخُرُوْجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ القَضِيَّةِ، بَعَثَ أَوْسَ بنَ خَوْلِيٍّ وَأَبَا رَافِعٍ إِلَى العَبَّاسِ؛ فَزَوَّجَهُ بِمَيْمُوْنَةَ، فَأَضَلاَّ بَعِيْرَيْهِمَا؛ فَأَقَامَا أَيَّامًا بِبَطْنِ رَابِغٍ، حَتَّى أَدْرَكَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُدَيْدٍ، وَقَدْ ضَمَّا بَعِيْرَيْهِمَا، فَسَارَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ.
فَأَرْسَلَ إِلَى العَبَّاسِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَجَعَلَتْ مَيْمُوْنَةُ أَمْرَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ: دَخَلْتُ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَجُوْزٍ كَبِيْرَةٍ، فَسَأَلْتُهَا: أَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُوْنَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟
قَالَتْ: لاَ، وَاللهِ لَقَدْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنَّهُمَا لَحَلاَلاَنِ.
وعَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ قَالَ: خَطَبَهَا وَهُوَ حَلاَلٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ.
ويُقال إنّها وهَبت نفسَها للنبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلكَ أنّ خُطبَة النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتَهت إليها وهيَ على بَعِِيرِها فقَالت: البَعيرُ وما علَيه لله ورسوله رضي الله عنها، فأنزل اللهُ عزّ وجل: "وامرأةً مؤمِنةً إن وهَبتْ نَفْسَها للنبيّ". والمعنى أحْلَلنَا لكَ مَن وقَعَ لها أن تهَبَ لكَ نَفسَها ولا تَطلُبَ مَهرًا مِنَ النّساء المؤمناتِ إن اتفَقَ ذلكَ.
ويُقال التي وهبت نفسَها للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زينبُ بنت جحش رضي الله عنها، ويُقال أمّ شَرِيك غُزِّيّة بنتُ جابر بنِ وهب، ويقال غيرُها، ذكره ابن إسحاق.
وقد ورد أن عَائِشَةَ قَالَت: أَمَا إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَتْقَانَا للهِ، وَأَوْصَلِنَا لِلرَّحِمِ!
وفاتها
وعَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ قَالَ: دَفَنَّا مَيْمُوْنَةَ بِسَرِفٍ، فِي الظُلَّةِ الَّتِي بَنَى بِهَا فِيْهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَزَلْتُ فِي قَبْرِهَا، أَنَا وَابْنُ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ عَطَاءٍ: تُوُفِّيَتْ مَيْمُوْنَةُ بِسَرِفٍ، فَخَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا، فَلاَ تُزَلْزِلُوْهَا، وَلاَ تُزَعْزِعُوْهَا.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَتْ بِمَكَّةَ، فَحُمِلَتْ عَلَى الأَعْنَاقِ بِأَمْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى سَرِفٍ، وَقَالَ: ارْفُقُوا بِهَا، فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ.
تُوُفّيت في سَنةِ إحْدَى وسِتّين في خِلافَةِ يَزيد بنِ مُعاوية، كَذا ذكَره ابنُ سعْد، وكانَ عُمُرُها نحوُ ثمانينَ سَنةً أو إحْدَى وثمانِينَ.